Admin مدير العام للمنتدى
عدد الرسائل : 427 العمر : 35 S SMS :
نصر ابو مهند لوحة التحكم:
| موضوع: المذاهب الأدبية الغربية و أثرها في الأدب العربي منتتديات غزاوى2 17/4/2008, 12:40 am | |
| 2- نشأتها نشأ هذا المذهب في الثلث الثاني من القرن 19م تحت تأثير الحركة العلمية والفلسفية ونتيجة رد فعل للإفراط العاطفي الذي اتسمت به الرومانسية ؛ فقد ازدهرا معا وتجاورا . وقد عمد الواقعيون إلى تشخيص الآفات الاجتماعية وتصوير معاناة الطبقة الدنيا وبالغوا في ذلك حتى اتسم أدبهم بطابع تشاؤمي ومسحة سوداء .
يعدّ بالزاك Balzac « 1850-1799 »الرائد الأول للواقعية في فرنسا وقد خلف أكبر موسوعة في الأدب الواقعي وهي تشمل نحو 150 قصة أطلق عليها اسم الكوميديا البشرية وتمثل قطاعات مختلفة من الحياة ، كما نجد عدة أدباء آخرين من فرنسا في مجال الواقعية مثل غوستاف فلوبار"1821-1880 " وهو صاحب الأعمال الأدبية المتميّزة مثل السيدة بوفاري Bovary Madame وقصة أخرى عنوانها Salammbo وغيرهما من الأعمال الأدبية القيمة . 3- تطور الواقعية وأشهر أعلامها أشرنا إلى نشأة الواقعية في فرنسا وريادة بالزاك في هذا المجال ، أما في إنجلترا فإننا نجد ريشار شيريدان"1751-1816 " وكذلك تشالز ديكينز "1822-1870" الذي قدم وصفا صادقا وعميقا للمجتمع الإنجليزي في رواياته التي تركت آثارا جلية في الواقعية الإنجليزية مثل (صحائف بكويك و دافيد كوبرفيلد) وكذلك (دمنى وولده) . 4- خصائص الواقعية يرى النقاد أن الواقعية تنقسم من حيث خصائصها الفنية إلى ثلاثة اتجاهات : *الواقعية الانتقادية : تقف موقفا انتقاديا إزاء أوضاع المجتمع فظهر هذا المذهب جليا أكثر في الأدب الفرنسي عند بالزاك وستيندال وكذلك تجلى في الأدب الروسي عند دوستويفيسكي و تولستوي "1828-1910" صاحب القصة المشهورة (حرب وسلم) وإلى جانب هؤلاء الأدباء ذاع صيت الأديب الأمريكي هيمينغواي "1898-1960" ومن رواياته " الشيخ والبحر " و " لمن تقرع الطبول " . * الواقعية الطبيعية : لقد عملت على توثيق صلة الأدب بالحياة لتصوير الواقع الاجتماعي بمختلف أشكاله مع الاستعانة بالعلوم التجريبية العصرية وعلى هذا اعتقد الفرنسي ايميل زولا "1840-1902" أن الأديب يطبق مكتشفات (داروين) صاحب نظرية "أصل الأنواع " و(كلود بيرنارد) صاحب نظرية "الأثر الحاسم للبيئة" وبذلك نفى هذا الاعتقاد على الإنسان حرية الإرادة والاختيار، واعتبر أن أفكاره وأحاسيسه وسلوكه نتاج الجانب العضوي والمادي فيه . * الواقعية الاشتراكية : هي واقعية جديدة طغت عليها النظرة الماركسية إلى الفن الأدبي ، وترى أن الأدب يجب أن يخدم هذه النظرة ويعبر عن الطبقة العاملة ، بالدفاع عن حقوقها ومصالحها .
- إن الواقعية الاشتراكية أفرزتها ظروف تاريخية واجتماعية معارضة للرومانسية والمثالية الطبيعية . إن الواقعية الاشتراكية تعتمد على تحليل الواقع تحليلا دقيقا ثم تقبل ما يوافقها وتطرح ما عدا ذلك . كما تؤمن الواقعية الاشتراكية أن الواقع يمكن تغييره لأن الإنسان مالك لمصيره لذا باستطاعته أن يستعمل هذه الظروف لصالحه في تغيير الواقع ومن ثمّ تغييره لنفسه . وهذه الفكرة تعتبر من صميم النظرية الاشتراكية فقد قال زعيمها ماركس : " الإنسان يعمل في الطبيعة الخارجية ويغيرها ، وفي الوقت نفسه يغير طبيعته ويطور الملكات الكامنة فيه ... " . 5- أثر الواقعية الغربية في الأدب العربي الحديث إن الواقعية الغربية بنظرتها المتشائمة لم تستطع فرض نفسها على الأدب العربي الحديث ، فقد رسم أدبنا نهجا خاصا به استوحاه من الواقع العربي بمشكلاته الاجتماعية وقضاياه السياسية ، وإن كان بعض الأدباء قد تأثروا في بداية الأمر بالواقعيين الغربيين ومن هؤلاء "محمود تيمور" الذي تأثر بالواقعية الفرنسية حيث كانت أعماله القصصية لوحات لأوضاع اجتماعية غلب عليها شيء من التخيل . أما الواقعية الحقيقية في أدبنا العربي الحديث فقد تجلت عند الدكتور طه حسين في كتابه المعذبون في الأرض وقد عبر عن رفضه لمظاهر الحرمان والفقر مطالبا بالعدالة الاجتماعية والحقوق الإنسانية للفرد . وخير ما أثمرته الواقعية في أدبنا ما كتبه "توفيق الحكيم" في روايته (يوميات نائب في الأرياف) سنة 1937 قدم وصفا دقيقا لحياة الفلاحين في الريف المصري مستعرضا مظاهر الجهل والمرض والحرمان والذل بين أجيال من الإقطاعيين المستبدين وقد ترجمت هذه الرواية إلى أغلب لغات العالم وبذلك بلغ مرتبة سامية في سلم الأدب العالمي . كما ظهرت الواقعية في أدبنا في أعمال "يوسف إدريس" في روايته(الحرام) التي نالت رواجا واسعا وترجمت إلى لغات عالمية كثيرة . كما نلمح الواقعية عند الأديب "عبد الرحمان الشرقاوي" في روايته "الأرض" وكذلك الأديب "يحي حقي" في مجموعته القصصية (ماء وطين) أما الواقعية في الأدب الجزائري فقد تجلت في الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية التي تناولت الحياة الجزائرية عامة والريفية بوجه خاص ونجد ذلك في رواية (ابن الفقير) لـ "مولود فرعون" إذ صور فيها نشأته المعذبة ، كما وصف أيضا حياة الفلاحين البائسة ومعاناتهم اليومية ، فالفلاح يقضي في حقل الإقطاعي قرابة ست عشرة ساعة يوميا فهو يخرج من كوخه قبل بزوغ الفجر ولا يعود إليه إلا بعد غروب الشمس ويقول في ذلك : " يسكنون بيوتا بدائية فقيرة ، تتسلق قمما مرتفعة يعلو كل منها الآخر ، وكأنها عظام عمود فقري هائل لحيوان رهيب من حيوانات مل قبل التاريخ ... " . كما صور الأديب الجزائري هذه الواقعية المؤلمة بكل صدق وإيمان نظرا لتجاربه في الحياة ومعاناته اليومية ، فهو صورة لهذا المجتمع المتألم من نير عبودية الاستعمار وسياسته الاستيطانية والاستعبادية وهذا ما نجده في رواية "محمد ذيب" (الحريق) الذي عبر قائلا : "لقد استولوا على كل شيء ، إنهم يريدون أن يصبحوا سادة أيضا ، لقد جعلوا من واجبهم الحقد علينا.وهاهم أولاء ينتزعون كل يوم قطعة من لحمنا ، فيبقى مكانها جرح عميق لتسيل من حياتنا ... " . كما نجد الشعر قد صور واقع الحياة الاجتماعية لهذا الشعب وهذا "محمد الأمين العمودي" يقول : نفسي تريد العلا والدهر يعكسها بالقهر والزجر إن الدهر ظلاّم أبكي إذا اشتد إرزام الحوادث بي وللحوادث مثل الرعـد ارزام إن حل عام جديـد قمـت أسأله قل لي : بماذا أتيت أيها العام؟ إني وإن حط سوء الحظ منزلتي وقد علا شرفـي بالظلم أقوام
كما نجد الأديب "محمد الصالح خبشاش" يعبر عن واقع المرأة الجزائرية المؤلم داعيا إلى تربيتها وتعليمها قائلا : تركـوك بين عبـاءة وشقـاء مكؤوبـة في الليلـة الليلاء دفنوك من قبل الممـات وحبذا لو مـت قبـل تفاقـم الأدواء مسجونـة مزجـورة محرومة محفوفـة بمـلاءة سـوداء وإلى جانب هذين الشاعرين هناك شعراء آخرون ، لم يقلّ شعرهم أهمية ولا مكانة في وصف الواقع الجزائري المزري نذكر منهم "محمد العيد آل خليفة ، الشيخ إبراهيم أبي اليقضان ..."
المذهـب الرمـزي Le Symbolisme
نص استهلالي : يقول جورج صيدح : "إن الرمز هو غير اللغز فاللغز لا يفهم ولا يوحي ، أما الرمز فأنت تفهم إيماءته أضعاف ما تفهم من كلمته ... والإغراق في الإيهام يسد منافذ الجو ، ويخلق أمام القارئ فراغا لا يستحث الفكر ولا يوقظ الشعور" ويقول الدكتور حامد حقي داود : " ... هذا الرمز والغموض هو ما أشار إليه النقاد العرب القدامى كقول بن سنان الخفّاش : أفخر الشعر ما غمض عنك فلم يعطك إلا بعض ما طلب منه " . 1- تعريف الرمزية أ- لغـة : يعود أصل الكلمة إلى عصور قديمة لا يعرف مداها التاريخي ولكنها موحدة المعنى لدى الشعوب القديمة فهي عند اليونانيين تدل على قطعة الفخار أو الخزف تقدم إلى الزائر الغريب علامة على حسن الضيافة . وعند العرب شرح المعجم اللغوي لسان العرب لابن منظور الرمز بحركات تقوم بها العينان والشفتان لتؤدي معنى خفيا لا يؤدى تأديته باللفظ الصريح . ب- اصطلاحا : المدرسة الرمزية حركة أدبية ظهرت في النصف الأخير من القرن 19م اعتمدت الرمز لغة والموسيقى إيقاعا والجمال غاية ومحورا . والرمز هنا معناه الإيحاء أي التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة التي لا تقوى اللغة على أدائها في دلالتها الوضعية ، بحيث تتولد المشاعر عن طريق الآثار النفسية لا عن طريق التسمية والتصريح . 2- نشأتها ظهرت الرمزية في النصف الثاني من القرن 19م وقد اعتمدت في أصولها الفلسفية على "مثالية أفلاطون" ومنظّرو الرمزية يشيرون إلى أن هذه الحركة تأثرت في نشأتها بالحركة الدينية والأسطورية التي قامت في تلك الحقبة ، كما لا يخلو الأدب الرمزي من تأثيرات ومقدمات فلسفية رصدت دوافعه ومن الفلاسفة الذين كتبوا ومهدوا للرمزية كانط المؤثر المباشر، وهربرت سبنسر الإنجليزي مؤسس الفلسفة التطورية . وإذا ما استندنا إلى مثالية أفلاطون فإن الرمزية تنكر الأشياء الخارجية المحسوسة ، ونراها في الحقيقة رمزا للحقائق المثالية البعيدة عن عالمنا المحسوس . 3- تطور الرمزية وأشهر أعلامها من حيث الإطار الإعلامي الفعلي فإن نشأة الرمزية في الأدب الغربي الحديث يعود إلى سنة 1886م عندما أصدر "مورياس" رسالة أدبية تتضمن تعريفا مفصلا بهذه المدرسة واعتبرت هذه الرسالة بمثابة أول منشور للرمزية وقد صدر هذا البيان في الملحق الإداري لجريدة "الفيغارو" الفرنسية حيث قدم تعريفا بالمذهب الجديد وحدد ممثليه ورواده وهم شارل بودلار "1821-1867" وهو شاعر وكاتب فرنسي ولد عاش بباريس من مؤلفاته "زهور الشرles fleurs du mal /" وله مجموعة شعرية تعبيرية وترجم قصص لـ"ادغار آلامبو" ، ويعد بودلار الرائد الأول للرمزية في فرنسا و "ملارميه" المنظر الحقيقي الذي وهب الشعر معنى الغموض والأسرار الخارقة التي لا توصف أما الثالث فهو "فرلين" لأنه كسر قواعد الشعر المألوفة إلى نوع جديد هو الشعر الحر . بعد ذلك بأسابيع ظهرت مجلة الرمزي le symboliste في أربع أعداد وقد أوضحت كثيرا من قواعد الرمزية ورسخت اتجاهاتها . ومن أبرز رواد الرمزية خارج فرنسا ويليام بلاك ، ويليام بيتلرياتس من ايرلندا وريزماريار يلكه وإلكسندر بلوك من روسيا أيضا وتوماس ستريس إليوت من أمريكا إلا أنه يحمل الجنسية الإنجليزية خاصة في مجموعته الشعرية المسماة "الأرض الخراب the waste land " . يرى الرمزيون أن اللغة لا قيمة لها في ألفاظها إلا ما تثيره هذه الألفاظ من الصور الذهنية التي تلقيناها من الخارج وعلى هذا الأساس تصبح اللغة وسيلة للإيحاء ، كما يرى الرمزيون أن الأدب يسعى إلى نشر الصورة الفنية ونقل خيال الكاتب إلى القارئ كما اهتم أصحاب المذهب الرمزي بالإيقاع الموسيقي في شعرهم ويرون أن الموسيقى وحدها هي التي توقظ في السامع أو القارئ مشاعره العاطفية التي تهز نفسه . 4- خصائص الرمزية
من أهم خصائص المذهب الرمزي نذكر ما يأتي : * انتفاء الواقع والتحري عن الروح في قلبه : فالرمزية اعتبرت الواقع الهادي زائفا في الدلالة على الحقيقة وإنه قناع يسترها، ذلك أن الشاعر إذا ما رنا إلى البحر فإنه لا يذكر زرقته وموجه الهادر وإنما يتخذ البحر مادة للتأمل ، إنه يرنو إلى ميتافيزيقية البحر من حيث غاياته وغاية الإنسان والوجود فيتحول الإنسان البحر والبحر الإنسان كما يقول بودلار : أيها الإنسان الحرّ ستحبّ البحر البحر مرآة * الغموض : يشكل الغموض العمود الفقري للأدب الرمزي والمقصود بالغموض ما يخيّم على القطعة الأدبية فتصبح مقتصرة على ذوي الاحساسات الفنية المرهفة ، فالرمزيون يكتفون بالإشارة إلى الحالة النفسية الغامضة بوسائل رمزية . * الإيحاء : إذا كانت الكلاسيكية تنقل المعاني عن طريق العقل والرومانسية عن طريق الانفعال "العاطفة" فإن الرمزيين قد اهتموا بنوع آخر من هذه المشاركة الوجدانية ما بين الكاتب والقارئ تقوم على نقل حالات نفسية من الكاتب إلى القارئ وهو الإيحاء ومن هذه الكلمات الموحية : "الضوء الخافت- التموج- الألوان الهاربة-الأنغام- الغروب-الرحيل ... " كما أنهم يقربون بين الصفات المتباعدة (السكون المقمر-الضوء الباكي-الشمس المرة المذاق-القمر الشرس) . كما اهتموا بالألوان من ذلك أن "رامبو" قد جعل لكل لون معنى : اللون الأحمر يرمز إلى الحركة والحياة الصاخبة والقتال والثورة والغضب والأعاصير . اللون الأخضر يرمز إلى السكون والطبيعة والانطلاق وفكرة المستحيل والخلاص من عالم المادة . اللون الأزرق يرمز إلى العالم الذي لا يعرف الحدود وفيه انطلاق إلى ما وراء المادة الكونية . اللون الأصفر لون المرض والشعور بالحزن والضيق والتبرم بالحياة . اللون الأبيض يمثل الطهر المثالي وهدوء السكينة ويرمز إلى الفراغ والجمود . اللون البنفسجي لون الرؤى الصوفية . * النغمة الموسيقية : الرمزية في نظر "فاليري" هي :" نية عدد من عائلات الشعراء في أن ينهلوا من الموسيقى" فالموسيقى لا تقرر أفكارا بل تعبر تعبيرا نغميا عما يشعر به الفرد ، وتنتقل هذه المشاعر من المؤلف والعازف إلى المستمع وهذا "بودلار" في ديوانه (أزهار الشر) يكتب مقطوعة صغيرة عنوانها الموسيقى صور فيها الأثر العميق الذي تحدثه الموسيقى : تأخذني الموسيقى غالبا مثل بحر نحو نجمتي الشاحبة تحت سقف ضبابي أو أثير واسع أرفع الشراع صدري إلى الأمام ورئتاي منفوختان كالشراع ويقول "فرلين " في الموسيقى في قصيدته الفن الشعري : عليك بالموسيقى قبل كل شيء قم بالموسيقى أولا وأخيرا وليكن شعرك مجنحا حتى لا يحسّ أنه منطلق من الروح عابرا نحو سماوات أخرى
* تراسل الحواس : فاللمس والشم والسمع والبصر وسائل تعبير متداخلة ومتبادلة فبعضها ينوب عن بعضها الآخر في التأثير النفسي كوصف أحد الرمزيين للون السماء بقوله : "وكأن لون السماء في نعومة اللؤلؤ" وكقصيدة بودلار الشهيرة مراسلات التي يقول فيها : ثمة عطور ندية كجسد الأطفال عذبة كآلة موسيقية خضراء كالمروج وهكذا شاهد الشاعر لون الاخضرار في العطر وسمع نغم المزمار ولامسه في جسد الأطفال . * الرمزية أدب الصفوة : فهم لا يحفلون بسواد الشعب ويتوجهون إلى الصفوة بحيث يغدو فهم الأدب الرمزي مقصورا على الذين تمكنوا من بعض العلوم الإنسانية كعلم النفس الجماعي الذي شرحه كل من "يونغ" و"أدلر" وعلم التحليل النفسي الذي اكتشفه وعرفه العالم النمساوي "فرويد" . * الإيمان بالصنعة دون الإلهام : وفي ذلك يقول فاليري : "إذا آمن الشاعر بالوحي قتل الإبداع " . * اللجوء إلى الأساطير : وذلك عندما يصرفون موضوعات إنسانية لها علاقة مباشرة بالفلسفة أو الأخلاق . وعليه انقسمت الرمزية إلى ثلاثة اتجاهات نجملها فيما يأتي : - الرمزية اللغوية : وعملها نقل الصورة اللغوية من نفس إلى أخرى ، ويرى أصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم "شارل بودلار" أن معطيات الحواس متداخلة أي أن كافة الحواس تستطيع أن تولّد وقعا نفسيا واحدا ، وأن جزء منها ينوب عن الآخر في التأثير النفسي ، ويتضح هذا في وصف أحد الكتاب سماء مغطاة بالسحب البيضاء حيث يقول : "وكأن لون السماء في نعومة اللؤلؤ" . - الرمزية الغيبية : وتهتم بطريقة إدراك العالم الخارجي وبالوجود الذهني الذي ينحصر فيه ويترأس هذا الاتجاه الفرنسي "ستيفان مالارميه " . - الرمزية الباطنية : وهي تسعى إلى اكتشاف العقل الباطن وعالم اللاوعي " اللاشعور"
كما ذهب البعض إلى تقديم أقسام أخرى للرمزية مثل : أ- الرمزية الشعرية : ويظهر هذا الاتجاه في الشعر الغنائي والشعر التمثيلي حيث تسعى إلى إحداث حالة نفسية خاصة، والأداة الأولى عنده للفعل الشعري هي "الكلمة" لتصبح واقعا ملموسا تلونها حروفها الصوتية وتصنع فيها الحياة حروفها الساكنة ، فالعمل الأول للشاعر عندهم هو إعطاء معنى أكثر صفاء للكلمات . ب- الرمزية الموضوعية : حيث يلجأ الأدباء إلى معالجة المشاكل الإنسانية والأخلاقية بواسطة الخيال وبذلك تكون بعيدة عن مشاكل الواقع الحياتي ، فهي ترمي إلى تجسيد الأفكار لإيضاح الحقائق الفلسفية والأخلاقية . 5- أثر المذهب الرمزي في الأدب العربي الحديث كان للترجمة التي قام بها عدد من الأدباء ، ولا سيما تلك التي قامت بنشرها مجلات عربية مشهورة مثل : المقتطف والمكشوف والرسالة والأديب ... أثر واضح في نقل الآداب الغربية التي أخذت بأساليب المدارس الأدبية . وقد مهد لهذه الترجمات الإطلاع المباشر على اللغات الأوروبية والأمريكية إثر الهجرات التي قام بها عدد من اللبنانيين والسورية إلى بلاد الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية . لقد لقيت الرمزية اهتماما من الشعراء العرب وانتشرت على أوسع نطاق . ولم يكن ظهور الرمزية في أدبنا خاضعا لنفس الظروف التي نشأت في كنفها الرمزية في الأدب الغربي .
ومن مظاهر ذلك الرمزية الجزئية لـ جبران خليل جبران خاصة في قصيدته "المواكب" التي اعتمدت في بعض صورها على تراسل الحواس كما في قوله : هل تحممـت بعطـر وتنشـفـت بنـور وشربت الفجر خمرا في كؤوس من أثير
وفيه انتقال الحس اللمسي "الاستحمام" مكان الحس الشمي "العطر" والحس البصري "النور" مكان الحس اللمسي "التنشف" والحس الذوقي "الشرب" مكان الحس البصري . وهذا لا يحقق لجبران رمزية كلية . لقد أجمع الدارسون لرمزية الأدب العربي أن "أديب مظهر" توفي 1928 أول شاعر في العربية أدخل شرارة الرمزية الحقيقية إلى اللغة العربية مع قصيدته المسماة (نشيد السكون) وكان يقدّر له أن يبرز إلا أن الموت عاجله وهو في السادسة والعشرين من عمره كما برز الشاعر اللبناني سعيد عقل "1818-1916" مؤسس صحيفة (البرق) وقد قتلته الأتراك نتيجة مواقفه السياسية المتشددة ، وهو من أوائل الأدباء العرب نقلا للرمزية الغربية . كما يرى أن الشعر يجب ألا يخبر بل يؤمن ويوحي ويلمّح وأصرّ على الإدراك اللامنطقي والحدسي للعالم ، كما اعتبر أن الشعر موسيقى قبل أن يكون فنا فكريا . ومن الرمزيين أيضا: (يوسف غصّوب ، جورج صيدح ، إيليا أبو ماضي) . وبعد سنة 1950 شاعت في الشعر العربي حركة جديدة تنتمي إلى الرمزية من أبرز أعلامها : من العراق (بدر شاكر السيّاب ، عبد الوهاب البياتي ، سعدي يوسف ، نازك الملائكة ) ومن لبنان (خليل الحاوي ، يوسف الخال ، أدونيس) ومن مصر (صلاح عبد الصبور) .
| |
|